انسداد قناة فالوب، الأسباب، الأعراض، العلاج، والمضاعفات

انسداد قناة فالوب (بالانجليزي: Fallopian tube obstruction) ويطلق عليه علمياً العقم الأنبوبي (بالانجليزي: Tubal infertility) هو الالتهاب والتورم في الغشاء المخاطي المبطن لقناة فالوب، وتوسع الأوعية الدموية، وتكون الأنسجة المتندبة التي تسد القناة أو تقرح داخل القناة والتصاقها ببعضها، مما يتسبب بانسداد قناة فالوب جزئياً أو كلياً وحدوث العقم، وفي بعض الأحيان قد يرافق الانسداد تجمع السوائل في قناة فالوب [5].

يطلق على انسداد قناة فالوب الكثير من المصطلحات الشائعة مثل التصاق قناة فالوب، وموه قناة فالوب، والتصاق البوق، وانسداد البوق، وانسداد الأنابيب.

أسباب انسداد قناة فالوب

قبل الحديث عن انسداد قناة فالوب يجب فهم ما هي قناة فالوب، وما وظائفها، وما أهميتها للإخصاب والحمل؟

تعد سلامة قناة فالوب شرط أساسي للخصوبة. تلعب قناة فالوب دور حاسم في التقاط البويضة بعد خروجها من المبيض، ومن ثم تنقلها بمساعدة الأهداب المبطنة لقناة فالوب لإلى أسفل القناة ليتم الإخصاب عند التقاء البويضة بالحيوانات المنوية، يحدث تطور الجنين في أول أربع أيام من حياته داخل قناة فاولب، لذا يعد الانسداد في قناة فالوب سببً رئيسيًا للعقم لدى 12-33% من النساء اليافعات خلال سنوات الإنجاب [2].

يعتبر التهاب الأعضاء الموجودة في منطقة الحوض، مثل التهاب بطانة الرحم، من أهم الأسباب التي تؤدي إلى انسداد قناة فالوب [1] [3]. وتحديدًا، يُعد التهاب بطانة الرحم أحد الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى انسداد كامل في هذه القناة.

غالبًا ما ينجم التهاب الحوض عن الإصابة بعدوى الأمراض المنقولة جنسيًا، ويمكن أن تشمل الأسباب الرئيسية لانسداد قناة فالوب على ما يلي [1] [3]:

• عدوى المتدثرة الحثرية التي تسبب مرض الكلاميديا، وتعد عدوى الكلاميديا السبب في نصف حالات التهاب الحوض المؤدية لانسداد قناة فالوب نيجة التصاقات قناة فالوب، وغالباً ما يعود السبب في ذلك إلى تقدم العدوى وعدم اكتشافها لأنها في معظم الحالات لا تسبب أعراض.
• عدوى السيلان.
• عدوى السل التناسلي.
• يعد التهاب بطانة الرحم أحد الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى انسداد كامل في هذه القناة.
• الإجهاض.
• إنتان الدم التالي للولادة.
• التشوهات الخلقية في بنية الأعضاء التناسلية.
• التعرض لعملية في الحوض مثل عملية كحت وتوسيع الرحم.
• إدخال وسائل منع الحمل إلى الرحم مثل اللولب.
• الحمل خارج الرحم.

عوامل تزيد من خطر الإصابة بانسداد قناة فالوب

تشمل العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالتهاب الحوض وانسداد قناة فالوب على ما يلي [5]:

• ممارسة الجنس المهبلي مباشرة بعد ممارسة الجنس الشرجي، اي تلوث القضيب والسائل المنوي بالبراز.
• ممارسة الجنس أثناء فترة الحيض.
• المعاناة من النزيف المهبلي لفترات طويلة.
• الجلوس لفتراة طويلة.

أعراض انسداد قناة فالوب

على الرغم من أن انسداد قناة فالوب قد لا يسبب أية أعراض، إلا أن العارض الوحيد لانسداد قناة فالوب قد يكون العقم، ولكن في بعض الحالات يمكن أن يسبب انسداد قناة فالوب أعراض وفقاً لشدة الحالة، وتشمل أعراض الالتهاب والانسداد في قناة فالوب [2] [5]:

• الشعور بألم مستمر في جهة واحدة من الحوض، وذلك حسب مكان الانسداد في القناة وفي أي جهة من الحوض تقع القناة المسدودة.
• الألم أثناء الجماع.
• الحمى.
• الألم عند التعرض للفحص المهبلي.
• النزيف في غير وقت الحيض.
• عدم انتظام الدورة الشهرية، أو نزيف الحيض الغزير.

أنواع انسداد قناة فالوب

يصنف انسداد قناة فالوب وفقًا لموقع الانسداد وشدته إلى أنواع مختلفة، وتشمل الأنواع على ما يلي [1] [3]:

• انسداد قناة فالوب القريب (Proximal obstruction): يحدث الانسداد بالقرب من عنق الرحم، في الجزء القريب من الرحم من قناة فالوب.
• الانسداد البعيد (Distal obstruction)، الذي يحدث في الطرف القريب من المبيض من القناة والمعروف علميًا بالطرف البعيد [1] [3].
• انسداد قناة فالوب الجزئي (Partial obstruction): في هذا النوع تكون القناة مسدودة بشكل جزئي، مما يمنع مرور السوائل والحيوانات المنوية بشكل كامل إلى داخل القناة.
• انسداد قناة فالوب الكلي (Complete obstruction): تكون القناة مسدودة تمامًا، مما يمنع مرور البويضة أو الحيوانات المنوية، ويؤدي إلى العقم الكامل المرتبط بالقناة.

تشخيص انسداد قناة فالوب

يعتمد تشخيص انسداد قناة فالوب على عدة تقنيات تصويرية تساعد في تحديد وجود الانسداد ومكانه بدقة، حيث تتميز كل طريقة بمزايا وقيود خاصة بها، ومنها [4]:

تصوير قناة فالوب الانتقائي

في تقنية تصوير قناة فالوب الانتقائي (Selective Salpingography)، يقوم الطبيب بإدخال أنبوب دقيق (قسطرة – Catheter) عبر الرحم، ويتم حقن مادة ظليلة (Contrast Agent) تُستخدم مع الأشعة السينية (X-ray)، لمراقبة تدفق المادة عبر قناة فالوب وتحديد ما إذا كانت القناة مفتوحة أم مسدودة.

• المزايا: يعطي معلومات دقيقة عن مكان الانسداد، ويتميز بتمييز الانسداد الحقيقي عن تشنج العضلات المؤقت.
• العيوب: قد يسبب ألمًا خفيفًا، وهناك خطر بسيط للعدوى بسبب التدخل المباشر.

تنظير البطن

تنظير البطن (Laparoscopy) عبارة عن فحص جراحي بسيط يدخل فيه الطبيب قسطرة صغيرة مزودة بكاميرا من خلال شق صغير في البطن، ليشاهد القنوات مباشرةً ويبحث عن الانسدادات أو الالتصاقات.

• المزايا: يمكن رؤية الحوض بالكامل، وإذا وُجدت التهابات أو التصاقات يمكن علاجها مباشرة.
• العيوب: إجراء جراحي يتطلب تخدير، وقد يستغرق وقتًا للتعافي.

التصوير بالموجات فوق الصوتية عبر المهبل

في التصوير بالموجات فوق الصوتية عبر المهبل (Transvaginal ultrasound) يستخدم جهازًا يدخل في المهبل يرسل موجات صوتية لتكوين صورة للأعضاء التناسلية، لكنه لا يظهر الانسداد بدقة عالية.

• المزايا: غير مؤلم، سريع، ومتوافر بسهولة.
• العيوب: لا يمكن التأكد بدقة من وجود انسداد في القناة عند استخدامه.

تنظير قناة فالوب

في تنظير قناة فالوب (Falloposcopy) يتم إدخال أنبوب دقيق جدًا داخل قناة فالوب لفحصها من الداخل.

• المزايا: رؤية مباشرة داخل قناة فالوب، يمكن من تحديد موقع الانسداد بدقة.
• العيوب: إجراء معقد، قليل الاستخدام، ويتطلب خبرة كبيرة.

تنظير الخصوبة

تنظير الخصوبة (Fertiloscopy) ويعرف أيضًا بالتنظير المائي عبر المهبل (Transvaginal hydrolaparoscopy) هو نوع من التنظير تدخل خلاله كاميرا دقيقة عبر المهبل لرؤية الحوض وقنوات فالوب بشكل أقل توغلاً من تنظير البطن.

• المزايا: أقل ألمًا وتدخل جراحي أقل.
• العيوب: محدود التوفر في بعض المراكز الطبية.

تصوير الرنين المغناطيسي

يستخدم تصوير الرنين المغناطيسي (MRI) موجات مغناطيسية لتكوين صورة دقيقة للأعضاء الداخلية للحوض، لكن نادرًا ما يستخدم في تشخيص انسداد القناة بسبب التكلفة والفعالية المنخفضة مقارنة بالطرق الأخرى.

علاج انسداد قناة فالوب

لا يمكن علاج انسداد قناة فالوب بالأعشاب، وغالباً ما يحتاج علاج انسداد قناة فالوب إلى الأجراءات الجراحية (عملية انسداد قناة فالوب)، وعلى الرغم من ذلك يمكن اختيار عدم العلاج واللجوء للتخصيب الإصطناعي للحمل [3].

يمكن علاج انسداد قناة فالوب بالأدوية في الحالات البسيطة التي يكون فيها هناك التهاب بسيط خلف انسداد قناة فالوب.

تعتمد الإجراءات الجراحية التي يتم اللجوء إليها في حالات انسداد قناة فالوب على نوع انسداد قناة فالوب والسبب خلفه، ومدى تقدم الانسداد، ومدى تلف قناة فالوب [3].

تشمل الإجراءات الجراحية التي قد يتم اللجوء إليها لإزالة انسداد قناة فالوب على ما يلي [3]:

• إدخال الأنبوب عبر عنق الرحم (بالانجليزي: Transcervical tubal cannulation) ويتم اللجوء إلى هذا الإجراء الجراحي في حالات انسداد قناة فالوب الداني أي القريب من جسم الرحم. في 80 – 90% من الحالات تنجح هذه التقنية في استعادة سلامة واحدة على الأقل من قنوات فالوب، وفي 30% من الحالات تحمل النساء خلال الثلاث أشهر التالية للعملية.
• تشمل الإجراءات الجراحية أيضًا على إزالة الالتصاقات التي تسبب انسداد قناة فالوب من خلال عملية تسمى فك الالتصاقات بالتنظير (Laparoscopic adhesiolysis)، والتي تجرى باستخدام أدوات دقيقة من خلال التنظير البطني (Laparoscopy). تعد هذه العملية فعالة بشكل خاص إذا كانت الالتصاقات هي السبب الوحيد لمشكلة الانسداد.
• في بعض الحالات التي يكون فيها الانسداد في الطرف البعيد من قناة فالوب، أي بالقرب من المبيض، قد يلجأ الأطباء إلى فتح الانسداد باستخدام أدوات جراحية دقيقة أو تقنية الليزر. يتم هذا الإجراء خلال عملية تنظير البطن، حيث تستخدم أدوات خاصة لإزالة الأنسجة المسببة للانسداد أو لفتح القناة بلطف. ويساعد هذا النوع من العمليات على استعادة الوظيفة الطبيعية للقناة، خاصة إذا كانت جدران القناة لا تزال بحالة جيدة. لكن فعالية هذا التدخل تعتمد بشكل كبير على مدى التلف في الأنسجة المحيطة بموقع الانسداد.

نسبة نجاح علاج انسداد قناة فالوب والتوقعات بعده

تعتمد فرص نجاح العلاج على نوع الانسداد في القناة، ومدى تلف قناة فالوب، ونوع الإجراء المستخدم في العلاج، وتشمل نسب نجاح العلاج والتوقعات بعده على ما يلي[3]:

• إدخال الأنبوب عبر عنق الرحم (Transcervical tubal cannulation): نسبة نجاح استعادة سلامة قناة فالوب تصل إلى 80-90%، وتصل نسبة حدوث الحمل بعده إلى 30% خلال الثلاثة أشهر التالية للعملية.
• عمليات التنظير وفك الالتصاقات (Laparoscopic adhesiolysis): نتائج جيدة خصوصًا إذا كانت الالتصاقات هي السبب الوحيد للانسداد، حيث تحسن فرص الحمل الطبيعي.
• إزالة الانسداد البعيد باستخدام الليزر أو الأدوات الجراحية: تعتمد النتائج على درجة التلف، وقد تحتاج النساء إلى اللجوء للتخصيب الاصطناعي في حال فشل العلاج الجراحي.
• العلاج الدوائي: يكون فعالًا فقط في حالات الالتهاب البسيط مع الانسداد الطفيف في القناة، ولا يعالج الدواء الانسدادات الكبيرة.
• التخصيب الاصطناعي (IVF): خيار بديل في حالة الانسداد الشديد أو تلف القناة، مع نسب حمل مرتفعة مقارنة بالعلاج الجراحي.

أضرار انسداد قناة فالوب

انسداد قناة فالوب لا يسبب فقط العقم، بل قد يؤدي إلى مضاعفات صحية مهمة تشمل:

• الحمل خارج الرحم (Ectopic pregnancy): عند انسداد قناة فالوب، تصبح قناة فالوب غير قادرة على نقل البويضة المخصبة إلى الرحم، مما يزيد من احتمال تثبيت الجنين في مكان غير طبيعي مثل تثبيته بداخل قناة فالوب نفسها. هذا الحمل غير طبيعي يشكل خطرًا صحيًا كبيرًا ويمكن أن يؤدي إلى تمزق القناة ونزيف داخلي خطير [1] [3].
• العقم أو تأخر الحمل: الانسداد الكامل أو الجزئي يمنع التقاء الحيوان المنوي بالبويضة، مما يؤدي إلى عدم حدوث الحمل، ويعد انسداد قناة فالوب سببًا رئيسيًا للعقم لدى النساء في سن الإنجاب بنسبة تصل إلى 12-33% [2].
• التهابات مزمنة أو تكون الخراجات: الالتهاب المزمن الناتج عن الانسداد يمكن أن يؤدي إلى تكون تجمعات صديدية (خراجات) في قناة فالوب أو الحوض، مما يزيد من شدة الالتهاب ويؤثر على الأعضاء المجاورة [1].
• ألم مزمن في الحوض بسبب الالتصاقات:الالتصاقات الناتجة عن الالتهاب أو جراحة علاجه قد تسبب ألمًا مزمنًا في منطقة الحوض، يؤثر على جودة حياة المرأة [5].

المراجع

1. Ambildhuke, K., Pajai, S., Chimegave, A., Mundhada, R., & Kabra, P. (2022). A Review of Tubal Factors Affecting Fertility and its Management. Cureus, 14(11), e30990. https://doi.org/10.7759/cureus.30990
2. Bardawil, T. (n.d.). Fallopian Tube Disorders [Review of Fallopian Tube Disorders]. Medscape; WebMD. https://emedicine.medscape.com/article/275463-overview#a1
3. Khalaf Y. (2003). ABC of subfertility. Tubal subfertility. BMJ (Clinical research ed.), 327(7415), 610–613. https://doi.org/10.1136/bmj.327.7415.610
4. Patil M. (2009). Assessing tubal damage. Journal of human reproductive sciences, 2(1), 2–11. https://doi.org/10.4103/0974-1208.51335
5. Sun, N., Wei, L., Chen, D., Gao, W., Niu, H., & He, C. (2017). Clinical observation of fallopian tube obstruction recanalization by ozone. Pakistan journal of medical sciences, 33(2), 290–294. https://doi.org/10.12669/pjms.332.11961