تعد أملاح البول (بالانجليزي: Nephrolithiasis) و من الحالات الشائعة التي تصيب الجهاز البولي، وتعرف بشكل شائع بأنها مرحلة مبكرة قد تسبق تكون حصى الكلى. تتكوّن هذه الأملاح نتيجة لتراكم بعض المعادن والمواد الكيميائية في البول نتيجة لسبب ما لتكون حصى يقل قطرها 5 ملم أي أنها تشبه حبات الرمل تترسب داخل الكلى أو الحالب. وعلى الرغم من أن أملاح البول قد تمر أحيانًا دون أعراض، إلا أن إهمالها قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل المغص الكلوي، والعدوى، وتكون الحصى التي تتطلب تدخلاً طبياً [4].
يطلق على أملاح البول أيضاً رواسب البول، وحصى البول، وترسبات البول، وترسبات الكلى، ورمل البول، ورمل الكلى، وأملاح الكلى.
في هذا المقال، نسلط الضوء على أنواع أملاح البول، وأسبابها، وأعراضها، وكيفية تشخيصها وعلاجها، بالإضافة إلى طرق الوقاية المستندة إلى الأدلة العلمية، وذلك لتوعية القارئ وتمكينه من اتخاذ خطوات فعالة للحفاظ على صحة الكلى والجهاز البولي.
أنواع أملاح البول
ليس من الشرط أن تتكون حصى الكلى من الأملاح فقط (المعادن) إذ يمكن أن تتكون من مواد أخرى غير المعادن مثل البيورين والسيستين، ولكن غالباً ما يكون الكالسيوم والأوكسالات السبب خلف تشكل أملاح البول، ويمكن أن تشمل أنواع حصى الكلى وفقاً لتركيها إلى ما يلي [1]:
- حصوات الكالسيوم: تتكون من أوكسالات الكالسيوم أو فوسفات الكالسيوم، وتشكل ما يقارب 80% من حصى الكلى، ويجب الانتباه إلى أن هذه الحصى تتكون نتيجة للإفراط في تناول الأغذية الغنية بالأوكسالات وليس الكالسيوم مثل السبانخ، والشاي، والمكسرات، والشوكولاتة، وغيرها من الأطعمة والمشروبات الغنية بالأوكسالات.
- حصى الستيروفيت: وتشكل ما يتراوح 10 – 15% من حصى الكلى، وفي معظم الحالات يتكون هذا النوع من أملاح البول نتيجة لالتهاب المسالك البولية المزمن المنتج لمادة اليورياز مما يجعل البول قاعدي أكثر، ويطلق على هذا النوع من الأملاح في البول حصى العدوى.
- حصى حمض اليوريك: تشكل ما نسبته 3–10% من جميع أنواع حصى الكلى، وتنشأ غالبًا نتيجة تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالبيورينات مثل اللحوم الحمراء والأسماك. يؤدي هذا النوع من النظام الغذائي إلى تقليل كمية البول وزيادة حموضته، مما يهيئ البيئة المناسبة لتكوّن الحصى. وتُعد هذه الحصى أكثر شيوعًا لدى مرضى النقرس [1].
- حصى السيستين: وتشكل أقل من 2% من جميع حالات حصى الكلى. تتشكل حصى السيستين اضطراب وراثي يسبب ضعف امتصاص الكلى للسيستين أو تسرب السيستين إلى البول وزيادة تركيزه مما يسبب تكون الحصى.
أسباب أملاح البول
تعد قلة شرب الماء والجفاف السبب الرئيسي والأكثر شيوعاً لتكون أملاح البول، إذ كلما قل تركيز الماء في البول ازداد تركيز المواد المختلفة وتكتلها وتكوينها للأملاح أو حصى البول الصغيرة. يمكن أن تتكون أملاح البول نتيجة لمجموعة واسعة من الأسباب ومنها [2] [4]:
- فرط كالسيوم البول ويمكن أن يحدث نتيجة لمجموعة الأسباب مثل:
- زيادة امتصاص الأمعاء للكالسيوم بسبب زيادة تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم.
- زيادة امتصاص الكالسيوم من العظام وإطلاقه في مجرى الدم بسبب فرط نشاط جارات الدرقية.
- خلل في قدرة الكلى على إعادة امتصاص الكالسيوم بشكل طبيعي.
- عدم قدرة الكلى على على إعادة امتصاص الفوسفات بشكل صحيح.
- اتباع نظام غذائي غني بالأوكسالات مثل السبانخ والبطاطا والمكسرات والشاي والشوكولاتة.
- فرط حمض اليوريك في البول.
- انخفاض حموضة البول.
- نقص المغنيسيوم في البول.
- التهاب المسالك البولية المزمن خاصة التهاب المسالك البولية الناجم عن بكتيريا الزائفة الزنجارية، والكلبسيلا وغيرها من أنواع الكائنات الحية سالبة جرام. في بعض الأحيان يحدث التهاب المسالك البولية المتكرر أو المزمن نتيجة لوجود خلل في بنية الجهاز البولي يسبب احتباس البول وزيادة فرصة الإصابة بالعدوى وتشكل أملاح البول.
- انخفاض حموضة البول نتيجة لاستهلاك كميات كبيرة من البيورين القادم من اللحوم الحمراء والأسماك، لذا تعد أملاح البول وحصى الكلى الأكبر حجماً شائعة لدى مرضى النقرس.
- البيلة الهوموسيستينية وهي حالة طبية تحدث نتيجة لخلل وراثي.
- استخدام بعض أنواع الأدوية لفترات طويلة خاصة مدرات البول وبعض أنواع المضادات الحيوية، ومن الأمثلة على الأدوية التي تزيد من خطر تشكل أملاح البول ما يلي:
- أتازانافير (Atazanavir).
- إندينافير (Indinavir).
- تريامتيرين (Triamterene).
- غايفينيسين (Guaifenesin).
- مضادات الحموضة التي تحتوي على سيليكات المغنيسيوم.
- سلفاسالازين (Sulfasalazine).
- سلفاميثوكسازول (Sulfamethoxazole).
- سلفاجوانيدين (Sulfaguanidine).
- سلفاسوكسازول (Sulfisoxazole).
- سلفاديازين (Sulfadiazine).
- البنسلينات واسعة الطيف.
- السيفالوسبورينات.
- الفلوروكينولونات.
أعراض أملاح البول
تشمل أعراض الأملاح في البول على ما يلي [3]:
- ألم شديد في الخاصرة وقد ينتشر الألم إلى البطن أو إلى الإربية في مكان التقاء البطن بأعلى الفخذ، وقد يعاني المرضى الذكور أيضاً من ألم الخصيتين.
- الغثيان والقيء.
- حرقة البول.
- البول العكر أو الغائم.
- رائحة البول الكريهة إذا ترافقت أملاح البول بالعدوى.
- الحاجة الملحة والمتكررة للتبول.
- عسر التبول، أي صعوبة البدء بالتبول، أو الحفاظ على تدفق البول مع إخراج كمية بول قليلة في كل مرة.
- الحمى والقشعريرة إذا ترافقت أملاح البول بعدوى المسالك البولية أو الكلى.
- البيلة الدموية أي البول المختلط بالدم، وغالباً ما تكون البيلة الدموية غير ملحوظة بالعين المجردة ويتم اكتشاف الدم في البول من خلال فحص البول المجهري.
تشخيص أملاح البول
يمكن للطبيب اكتشاف المشاكل المتعلقة بالجهاز البولي من خلال الأعراض والفحص البدني، وعادةً ما يجري الأطباء مجموعة من التحاليل للكشف عن أملاح البول وسببها، وللكشف عن وجود التهاب أو عدوى في المسالك البولية أو الكلى، ومن هذه الفحوصات ما يلي [2] [3]:
- التصوير بالموجات الفوق صوتية، أي الألتراساوند أو الصورة التلفزيونية.
- تحليل الرواسب البولية (بالانجليزي: Urinary sediment).
- تحليل تجرثم البول أو تحليل النيترات في البول (بالانجليزي: Bacteriuria or nitrite).
- تحليل درجة حموضة البول.
- زراعة البول.
- تحليل وظائف الكلى (KFT).
- تحليل أملاح الدم.
- تحليل حمض اليوريك في الدم.
- تعداد خلايا الدم الكامل (CBC).
- تحليل مستوى بروتين سي التفاعلي (CRP).
- تحليل معدل سرعة ترسيب كريات الدم الحمراء (ESR).
علاج أملاح البول
يوجه علاج أملاح البول للتخفيف من الأعراض التي يعاني منها المريض مثل المغص الكلوي، ومكافحة العدوى إذا وجدت، ومن ثم علاج السبب المحتمل خلف أملاح البول إذا كان السبب معروف [2].
لا يجب محاولة علاج أملاح البول في المنزل، أو علاج أملاح البول بالاعشاب بل يجب أن يتم العلاج على يد طبيب لاكتشاف السبب خلف أملاح البول، وللتأكد من عدم وجود حصوات أكبر في الجهاز البولي، ولتلافي خطر تطور المضاعفات مثل إنتان الدم في حال وجود عدوى.
يعد الإكثار من شرب الماء لتخفيف تركيز المعادن وغيرها من المواد في البول أحد أهم الركائز الأساسية لعلاج أملاح البول.
تشمل العلاجات الدوائية التي قد يقررها الطبيب لتخفيف الأعراض، ومكافحة الالتهاب، ومعالجة الأسباب خلف أملاح البول ما يلي [2] [5]:
- مسكنات الألم ومنها:
- أوكسيكودون وأسيتامينوفين (Oxycodone and acetaminophen).
- الهيدروكودون والأسيتامينوفين (Hydrocodone and acetaminophen).
- ايبوبروفين (Ibuprofen).
- كيتورولاك (Ketorolac).
- ميلوكسيكام (Meloxicam).
- حاصرات ألفا لتسهيل مرور الحصى عبر مجرى البول، ومن هذه الأدوية:
- تيرازوسين (Terazosin).
- تامسولوسين (Tamsulosin).
- أدوية مثبطات أكسيداز الزانتين لمنع اعتلال الكلية، كما أنها تساعد على منع تكرار حصوات أكسالات الكالسيوم، ومن هذه الأدوية الوبيورينول (Allopurinol).
- عوامل الألكلة لعلاج تحصي البول الناجم عن اختلال حموضة البول الاستقلابية، ومن الأمثلة على هذه الأدوية سيترات البوتاسيوم (Potassium citrate).
- مضادات الغثيان للتخفيف من الغثيان المرافق لأملاح البول، ومن هذه الأدوية:
- أوندانسيترون (Ondansetron).
- بروميثازين (Promethazine).
- ميتوكلوبراميد (Metoclopramide).
- بروكلوربيرازين (Prochlorperazine).
- المضادات الحيوية لعلاج العدوى البكتيرية في المسالك البولية، ومن هذه المضادات الحيوية:
- جنتاميسين (Gentamicin).
- أوفلوكساسين (Ofloxacin).
- ليفوفلوكساسين (Levofloxacin).
- سيبروفلوكساسين (Ciprofloxacin).
- أمبيسيلين (Ampicillin).
أضرار أملاح البول
في حال عدم علاج أملاح البول أو إهمالها، قد تؤدي إلى عدة مضاعفات صحية خطيرة، منها:
- تكون حصى أكبر في الكلى أو الحالب، مما يسبب انسداد مجرى البول ويؤدي إلى ألم شديد (المغص الكلوي) وصعوبة في التبول [4].
- العدوى البولية المتكررة أو المزمنة بسبب تراكم الأملاح والبلورات التي تشكل بيئة ملائمة لنمو البكتيريا، مما قد يتطور إلى التهاب الكلى (Pyelonephritis) [3] [4].
- تلف الكلى المزمن أو الفشل الكلوي، خاصة إذا استمر الانسداد أو العدوى في المسالك البولية لفترات طويلة دون علاج مناسب [4].
- زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض الحالات مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري التي ترتبط بوجود أملاح الكلى ومضاعفاتها [4].
لذلك، من الضروري متابعة الحالة طبيًا واتخاذ الإجراءات الوقائية والعلاجية المناسبة لتجنب هذه المضاعفات [2].
طرق الوقاية من أملاح البول
يمكن التقليل من خطر تكون أملاح البول وحصى الكلى من خلال مجموعة من الإجراءات الوقائية التي تساهم في الحفاظ على توازن المواد الكيميائية في البول ومنع ترسبها:
- الإكثار من شرب الماء: يعد الحفاظ على ترطيب الجسم أحد أهم وسائل الوقاية من تكون الترسبات والتهاب المسالك البولية بشكل عام، إذ يساعد على تخفيف تركيز المواد المكونة للحصى في البول، وينصح بشرب ما لا يقل عن 2-3 لترات من الماء يومياً إلا إذا نصح الطبيب بخلاف ذلك [1].
- تقليل تناول الأطعمة الغنية بالأوكسالات: مثل السبانخ، والبنجر، والمكسرات، والشوكولاتة، خاصة لدى الأفراد المعرضين لتكوّن حصوات أوكسالات الكالسيوم [2].
- الحد من استهلاك البروتين الحيواني: الإفراط في تناول اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك يمكن أن يزيد من حمض اليوريك في البول ويخفض من درجة حموضته، مما يرفع خطر تكون الحصى [3].
- التقليل من الملح في الطعام: تناول كميات كبيرة من الصوديوم قد يزيد من إفراز الكالسيوم في البول، مما يعزز خطر تكوّن حصى الكالسيوم [1].
- الحفاظ على وزن صحي: السمنة مرتبطة بزيادة خطر تكون الحصى وأملاح البول، لذا ينصح باتباع نظام غذائي متوازن وممارسة النشاط البدني بانتظام [4].
- تناول كميات معتدلة من الكالسيوم الغذائي: يجب عدم التقليل من تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم بشكل مفرط، لأن ذلك قد يؤدي إلى زيادة امتصاص الأوكسالات، بل يجب الحصول على الكالسيوم من المصادر الطبيعية مثل الحليب ومشتقاته بدلاً من المكملات الغذائية [1].
- تعديل حموضة البول عند الحاجة: في بعض الحالات، قد يصف الطبيب أدوية قلوية مثل سيترات البوتاسيوم لزيادة قلوية البول ومنع تكون الحصى، خصوصاً في حالات الحصى الناتجة عن حمض اليوريك ولكن هذا النوع من الوقاية يحتاج إلى استشارة الطبيب [5].
المراجع
- Alelign, T., & Petros, B. (2018). Kidney Stone Disease: An Update on Current Concepts. Advances in urology, 2018, 3068365. https://doi.org/10.1155/2018/3068365
- Dave, C. (n.d.). Nephrolithiasis. Medscape; WebMD. https://emedicine.medscape.com/article/437096-overview
- Leslie SW, Sajjad H, Murphy PB. Renal Calculi. [Updated 2023 Mar 11]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK442014/
- Nojaba L, Guzman N. Nephrolithiasis. [Updated 2023 Aug 8]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK559227/
- Sorokin, I., & Pearle, M. S. (2018). Medical therapy for nephrolithiasis: State of the art. Asian journal of urology, 5(4), 243–255. https://doi.org/10.1016/j.ajur.2018.08.005